الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَلْكِنَّا حُمِّلْنآ أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ} أي حملنا من حلي آل فرعون، لأن موسى أمرهم أن يستعيروا من حليهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، والسدي. وقيل: جعِلت حملًا.والأوزار: الأثقال، فاحتمل ذلك على وجهين:أحدهما: أن يراد بها أثقال الذنوب لأنهم قد كان عندهم غلول.الثاني: أن يراد أثقال الحمل لأنه أثقلهم وأثقل أرجلهم.قوله تعالى: {فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ} الآية. قال قتادة. أن السامري قال لهم حين استبطأ القومُ موسى: إنما احتبس عليكم من أجل ما عندكم من الحلي، فجمعوه ورفعوه للسامري، فصاغ منه عجلًا، ثم ألقى عليه قبضة قبضها من أثر الرسول وهو جبريل، وقال معمر: الفرس الذي كان عليه جبريل هو الحياة فلما ألقى القبضة عيه صار عجلًا جَسَدًا له خوار.والخوار صوت الثور، وفيه قولان:أحدهما: أنه صوت حياة خلقه، لأن العجل المُصَاغُ انقلب بالقبضة التي من أثر الرسول فصار حيوانًا حيًا، قاله الحسن، وقتادة، والسدي، وقال ابن عباس: خار العجل خورة واحدة لم يتبعها مثلها.الثاني: أن خواره وصوته كان بالريح، لأنه عمل فيه خروقًا فإذا دخلت الريح فيه خار ولم يكن فيه حياة، قاله مجاهد.{فقالوا هذا إلهكم وإله موسى} يعني أن السامري قال لقوم موسى بعد فراغه من العجل: هذا إلهكم وإله موسى، يعني ليسرعوا إلى عبادته.{فَنَسِيَ} فيه أربعة أقاويل:أحدها: فنسي السامري إسلامه وإيمانه، قاله ابن عباس.الثاني: فنسي السامري قال لهم: قد نسي موسى إلهه عندكم، قاله قتادة، والضحاك.الثالث: فنسي أن قومه لا يصدقونه في عبادة عجل لا يضر ولا ينفع، قاله ابن بحر.الرابع: أن موسى نسي أن قومه قد عبدوه العجل بعده، قاله مجاهد.{أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} يعني أفلا يرى بنو إسرائيل أن العجل الذي عبدوه لا يرد عليهم جوابًا.{وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا}؟ فكيف يكون إِلهًا.قال مقاتل: لما مضى من موعد موسى خمسة وثلاثون يومًا أمر السامري بني إسرائيل أن يجمعواْ ما استعاروه من حلي آل فرعون، وصاغه عجلًا في السادس والثلاثين والسابع والثامن ودعاهم إلى عبادة العجل في التاسع فأجابوه، وجاءهم موسى بعد استكمال الأربعين. اهـ.
إذ لا تكون منها سقطة فتشتكي، قال وهذا كقوله تعالى: {لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] أي ليس منهم سؤال فيكون منهم إلحاف ع وهذا كله في هذه الأمثلة غير متيقن من قول أبي علي وإنما مشى في ذلك على أثر الزجاج دون تعقب وقد شرحت هذا المعنى في سورة البقرة في تفسير {لا يسألون الناس إلحافًا} [البقرة: 273] وبين أن هذه ليست كهذه الأمثلة لأنهم لم يرفعوا الإخلاف فيها والأمثلة فيها رفع الوجهين، وأما فتح الميم فهو مصدر من ملك والمعنى ما فعلنا ذلك بأنا ملكنا الصواب ولا وفقنا له بل غلبتنا أنفسنا، وأما كسر الميم فقط كثر استعماله فيما تحوزه اليد ولكنه يستعمل في الأمور التي يبرمها الإنسان ومعناها كمعنى التي قبلها والمصدر مضاف في الوجهين إلى الفاعل والمفعول مقدر أي بملكنا الصواب، وهذا كما قد يضاف أحيانًا إلى المفعول والفاعل مقدر كقوله تعالى: {بسؤال نعجتك} [ص: 24] ومن دعاء الخير، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وحفص عن عاصم {حُمّلنا} بضم الحاء وشد الميم، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: {حَمَلنا} بفتح الحاء والميم. والأوزار: الأثقال، وتحتمل هذه التسمية أن تكون من حيث هي ثقيلة الأجرام، ويحتمل أن يكون من حيث آمنوا في قذفها وظهر لهم أن ذلك هو الحق فكانت آثامًا لمن حملها. وقوله: {فكذلك ألقى} أي فكما قذفنا نحن {فكذلك} أيضًا {ألقى السامري} ما كان بيده ع وهذه الألفاظ تقتضي أن العجل لم يصغه السامري، ثم أخبر الله تعالى عن فعل السامري بقوله تعالى: {فأخرج لهم عجلًا جسدًا}، ومعنى قوله: {جسدًا} أي شخصًا لا روح فيه، وقيل معنى {جسدًا} لا يتغذى. والخوار صوت البقر، وقالت فرقة كان هذا العجل يخور ويمشي ع وهكذا تكون الفتنة من قبل الله تعالى قاله ابن عباس، وقالت فرقة إنما خار مرة واحدة. ثم لم يعد وقالت فرقة إنما كان خواره بالريح كانت تدخل من دبره وتخرج من فيه فيصوت لذلك.{فَقَالُواْ هَذَآ إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُواْ أَمْرِي قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}.الضمير في قوله: {فقالوا} لبني إسرائيل، أي قالوا حين قال كبارهم لصغارهم وهذا إشارة إلى العجل.قوله تعالى: {فنسي} يحتمل أن يكون من كلام بني إسرائيل أي فنسي موسى ربه وإلهه فذهب يطلبه في غير موضعه، ويحتمل أن يكون قوله: {فنسي} إخبارًا من الله تعالى عن السامري، أي نسي دينه وطريق الحق ع فالنسيان في التأويل الأول بمعنى الذهول، وفي الثاني بمعنى الترك، ثم قرن تعالى مواضع خطاهم بقوله تعالى: {أفلا يرون} المعنى أفلم يتبين هؤلاء الذين ضلوا أن هذا العجل إنما هو جماد لا يتكلم ولا يرجع قولًا ولا يضر ولا ينفع، وهذه خلال لا يخفى معها الحدوث والعجز لا أن هذه الخلال لو حصلت له أوجبت كونه إلهًا وقرأت فرقة {أن لا يرجعُ} برفع العين، {وأن} على هذه القراءة المخففة من الثقيلة والتقدير أنه لا يرجع، وقرأت فرقة {أن لا يرجع} {وأن} على هذه القراءة هي الناصبة، وأخبر عز وجل أن {هارون} قد كان لهم في أول حال العجل {يا قوم} إنما هي فتنة وبلاء وتمويه من السامري وإنما {ربكم الرحمن} الذي له القدرة والعلم والخلق والاختراع {فاتبعوني} إلى الطور الذي واعدكم الله تعالى إليه {وأطيعوا أمري} في ما ذكرته لكم وقرأت فرقة {إنما وإن ربكم الرحمن} بكسر الهمزتين، وقرأت فرقة {إنما} بالكسر {وأن} بالفتح، والقراءة الوسطى ضعيفة. اهـ.
|